درس تعريف علم التجويد
هو إخراج كل حرفٍ من مَخْرَجِهِ ، وإعطاؤه حقه ومُسْتَحَقُّه من الصفات
فحق الحرف: هو صفاته اللازمة التي لا تنفك عنه،مثل: الهمس والجهر والقلقلة والشدة ...وغير.
أما مُسْتَحَقُّ الحرف: فهو صفاته العارضة التي تعرض له في بعض الأحوال،وتنفك عنه في البعض الآخر لسببٍ من الأسباب،مثل: التفخيم والترقيق والإدغام...وغيرها.
-وفائدته: صون اللسان عن اللحن في ألفاظ القرآن الكريم عند الأداء.
-أما عن واضِعُهُ: فهو وحيٌ من عند الله ، تلقاه رسوله محمد صَلَّي الله عليه وسَلَّم مُجَوَّدَاً من جبريل عليه السَّلام،أما واضع قواعده: فقد قيل أنه: أبو الأسود الدؤلي،وقيل أنه: أبو القاسم عبيد بن سلام،كما قيل أنه: الخليل بن أحمد الفراهيدي......وقيل غيرهم.
وقد أُسْتُمِدَّ من كيفية قراءة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم،وأصحابه والتابعين والأئِمَة المُقْرِئِين،إلى أن وصلنا بالتواتر عن طريق مشايخنا الأجلاء.
حكمة :-
أ) حُكْمُ تَعَلُّمِه: فرضُ كِفَايَةٍ،فإذا قام به البعض سقط عن الآخرين.
(ب) حُكْمُ تطبيقه: هو فرضُ عَيْنٍ لمَنْ يقرأ القرآن،حيث يجب أن يعرف الأداء الصحيح عن طريق المشافهة.
فيجب معرفة مسائله: وهي قواعده المتعددة التي تحكُم كيفية إخراج الحروف والكلمات.ومن أمثلتها:
(كل ميم ساكنة يأتي بعدها باء : يجب إخفاؤها،ويُسَمَّى ذلك إخفاءاً شفوياً.كما في قوله تعالى:
(...مَالَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ...) (سورة النساء: الآية 157).
مراتبة :
(1) التحقيق: هو إعطاء كل حرف حقه،والبطء والترسل في التلاوة،مع مراعاة جميع أحكام التجويد من غير إفراط.
(2) الحَدَرُ: هو إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها،مع مراعاة جميع أحكام التجويد من غير تفريط.
(3) التدوير: هو التَّوَسُّط بين التحقيق والحَدَرِ.
التفخيم والترقيق -هناك صفات أصلية للحروف: وهي التي تُلازِم الحرف باستمرار كالهمس والجهر والقلقلة والإستعلاء والإطباق...وغيرها.
-وهناك صفات عارضة للحروف: وهي التي تعرِضُ له أحياناً وتَنْفَكُّ عنه أحياناً أخرى،وأهمها:
( التفخيم والترقيق).
-التفخيم : هو سَمَنٌ يطرأ على الحرف فيمتلئ الفم بصَدَاه،ويُطَبَّقُ بتوسيع التجويف الداخلي للفم مع استعلاء اللسان من أقصاه إلى الحَنَك الأعلى،وتضييق فتحة الشفتين،فعندئذٍ إذا خرج الصوت من مخرجه فإنَّه يصطدم باللسان،فيتجه في تجاويف الفم والشفتين،فينتُج عن ذلك: الصَّدَى الذي يُسَمَّى: (التفخيم).
- أما الترقيق: فهو نَحَالَةٌ تطرأ على الحرف فلا يكون له صَدَىً في الفم،ويُطَبَّقُ بتضييق التجويف الداخلي للفم مع انخفاض اللسان من أقصاه إلى قاع الفم،وفتح ما بين الشفتين أفقياً،فعندئذٍ إذا خرج الصوت من مخرجه فإنه يجد الطريق أمامه سالكاً إلى الخارج،فلا يصطدم بشئ،ولا يحدُث صَدَىً وهذا ما يُسَمَّى: (الترقيق).
-وتنقسم الحروف الهجائية بالنسبة للتفخيم والترقيق إلى ثلاثة أقسام:
(1) حروف تُفَخَّم بصفة دائمة.
(2) حروف تُرَقَّق بصفة دائمة.
(3) حروف تُفَخَّم أحياناً وتُرَقَّق أحياناً أخرى.
الحروف المفخمة بصفة دائمة : -
هي حروف الإستعلاء السبعة،وهي بترتيب قوتها كالتالي: (الطاء والضاد والظاء والصاد والقاف والغين والخاء).
-وللتفخيم مراتب خمسة:
(1) المرتبة الأولى: وهي أعلى التفخيم،وهي أن يكون حرف التفخيم مفتوحاً وبعده ألف.ومثال ذلك: (الطَّامَّة ، الضَّالِّيْن ، الظَّانِّيْن ، الصَّابِرِيْن ، القَارِعَة ، الغَافِلِيْن ، والخَائِنِيْن).
(2) المرتبة الثانية: وهي أقل قوةً من الأولى،وهي أن يكون حرف التفخيم مفتوحاً وليس بعده ألف. ومثال ذلك: (طَبَعَ ، ضَرَبَ ، ظَلَمَ ، صَبَرَ ، القَتْل ، غَيْر ، وخَبِيْر).
(3) المرتبة الثالثة: وهي أقل قوةً من الثانية،وهي أن يكون حرف التفخيم مضموماً،سواء كان بعده واو أم لا.ومثال ذلك: (اضْطُرَّ ، ضُرِبَ ، ظُلِمَ ، صُرِفَتْ ، فَقُولُوا ، غُرْفَة ، خُذْ).
(4) المرتبة الرابعة: وهي أقل قوةً من الثالثة،وهي أن يكون حرف التفخيم ساكناً.ومثال ذلك: (أطْوَارَاً ، إِضْرِبْ ، أَظْلَم ، واصْبِرْ ، بِمِقْدَار ، تَغْرُب ، أُخْرُج).
(5) المرتبة الخامسة: وهي أقل قوةً من الرابعة،وهي أن يكون حرف التفخيم مكسوراً.ومثال ذلك: (يُطِعْ ، ضِيَاء ، ظِلاً ، خَصِيْمَاً ، قِيْلَ ، وَغِيْضَ ، دَاخِرِين).
ويُرَاعَى ما يعتري كل حرف من الحروف المُفَخَّمَة بحيث يجب بيانه وعدم خلطه بغيره من الحروف. ومثال ذلك: حرف الضاد : فهو أعسر الحروف الهجائية نُطْقاً،لذلك يُرَاعَى بيانه وعدم خلطه بالحروف القريبة منه،كالظاء وخاصةً إذا جاء بعده حرف الظاء،كما في قوله تعالى:
(الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَك.) (سورة الشرح:الآية 3).أو خلطه بحرف الطاء،وخاصةً إذا جاء بعده حرف الطاء،كما في قوله تعالى: (..فَمَنِ اضْطُرَ فِي مَخْمَصَةٍ..) (سورة المائدة: الآية 3).
وحرف الصاد: يجب بيانها حتى لا تتحول إلى سين،خاصةً إذا جاءت ساكنة وجاء بعدها تاء،كما في كلمة: (حَرِصْتُم) ،وحتى لا تقترب من الزاي إذا جاءت ساكنة وجاء بعدها طاء كما في كلمة:
( المصطفين) ...وهكذا.
الحروف المرققة بصفة دائمة
هي باقي الحروف الهجائية،عدا (اللام والراء والألف) فهي لها أحكامٌ خاصة.
وينبغي مراعاة عدم المبالغة في ترقيق هذه الحروف حتى لا تصبح كأنها مُمَالَة. هي باقي الحروف الهجائية،عدا (اللام والراء والألف) فهي لها أحكامٌ خاصة.
وينبغي مراعاة عدم المبالغة في ترقيق هذه الحروف حتى لا تصبح كأنها مُمَالَة.
احكام الراء :-
لها ثلاث حالاتٍ:
(أ) تفخيم الراء: وهو على أربعة مراتب:
(1) المرتبة الأولى: وهي أعلى مراتب التفخيم،وهي أن تكون مفتوحة وبعدها ألف، كما فيرَاضِيَة ، الرَّاحِمِيْن).
(2) المرتبة الثانية: وهي أدنى من الأولى،وهي إما أن تكون:
مفتوحة وليس بعدها ألف،كما في: (رَبَت ، الرَّحمن)، أو ساكنة وما قبلها مفتوح،كما في: (مُزْدَجِر).
أو ساكنة وقبلها ألف المد،كما في: (النَّارْ ،الغَفَّارْ)، أو ساكنة وقبلها ساكن وقبله مفتوح،كما في قوله تعالى: (وَالفَجْرْ.ولَيَالٍ عَشْرْ.) (سورة الفجر: الآية 1،2).
(3) المرتبة الثالثة: وهي أدنى من الثانية،وهي إما أن تكون:
ساكنة وقبلها كسر عارض،كما في: (ارْجِعِي ، ارْحَمْهُمَا).
أو ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء غير مكسور،كما في: (قِرْطَاس ، مِرْصَاد).
(4) المرتبة الرابعة: وهي أدنى من الثالثة،وهي إما أن تكون:
مضمومة وبعدها واو المد،كما في: (الرُّوْم ، بِرُوْحِ القُدُس) ، أو مضمومة وليس بعدها واو المد، كما في: (رُبَمَا ، رُحَمَاء) ، أو ساكنة وقبلها ضمة، كما في: (مُرْتَاب ، مُرْسَاهَا) ، أو ساكنة وقبلها واو المد، كما في: (غَفُورْ ، كَفُورْ) ، أو ساكنة وقبلها ساكن وقبله مضموم،كما في: (صُفْرْ ، كُفْرْ).
(ب) ترقيق الراء: ولها عدة حالات معينة هي:
(1) أن تكون مكسورة مطلقاً،سواء كان بعدها ياء كما في: (تَجْرِي)،أو ليس بعدها ياء كما في: (الغَرِمِين).
(2) أن تكون ساكنة وقبلها كسر أصلي،وليس بعدها حرف استعلاء، كما في: (فِرْعَوْن).
(3) أن تكون ساكنة وقبلها ياء المد، كما في: (قَدِيرْ ، بَصِيرْ).
(4) أن تكون ساكنة وقبلها ياء اللين، كما في: (خَيْر ، ضَيْر).
(5) أن تكون ساكنة وقبلها ساكن (على ألاَّ يكون حرف استعلاء) وقبله مكسور، كما في: (حِجْرْ، السِّحْرْ).
(6) أن يأتي بعدها ألف مُمَالَة، وهذه لا توجد في القرآن إلا قي كلمة: (مَجْرَاهَا) في قوله تعالى:
(...بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمَرْسَاهَا...) (سورة هود: الآية 41).
(جـ) جواز الترقيق والتفخيم: ويجوز ذلك في ثلاث حالات:
(1) أن تكون ساكنة وقبلها حرف استعلاء ساكن وقبله مكسور، كما في: (مِصْر ، القِطْر).
(2) أن تكون ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها (في نفس الكلمة) حرف استعلاء مكسور ، كما في: (فِرْقٍ).
(3) أن تكون ساكنة بسبب الوقف،ومكسورة عند الوصل،وبعدها ياء محذوفة،كما في: (يَسْرِ،نُذُرِ). لها ثلاث حالاتٍ:
(أ) تفخيم الراء: وهو على أربعة مراتب:
(1) المرتبة الأولى: وهي أعلى مراتب التفخيم،وهي أن تكون مفتوحة وبعدها ألف، كما فيرَاضِيَة ، الرَّاحِمِيْن).
(2) المرتبة الثانية: وهي أدنى من الأولى،وهي إما أن تكون:
مفتوحة وليس بعدها ألف،كما في: (رَبَت ، الرَّحمن)، أو ساكنة وما قبلها مفتوح،كما في: (مُزْدَجِر).
أو ساكنة وقبلها ألف المد،كما في: (النَّارْ ،الغَفَّارْ)، أو ساكنة وقبلها ساكن وقبله مفتوح،كما في قوله تعالى: (وَالفَجْرْ.ولَيَالٍ عَشْرْ.) (سورة الفجر: الآية 1،2).
(3) المرتبة الثالثة: وهي أدنى من الثانية،وهي إما أن تكون:
ساكنة وقبلها كسر عارض،كما في: (ارْجِعِي ، ارْحَمْهُمَا).
أو ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها حرف استعلاء غير مكسور،كما في: (قِرْطَاس ، مِرْصَاد).
(4) المرتبة الرابعة: وهي أدنى من الثالثة،وهي إما أن تكون:
مضمومة وبعدها واو المد،كما في: (الرُّوْم ، بِرُوْحِ القُدُس) ، أو مضمومة وليس بعدها واو المد، كما في: (رُبَمَا ، رُحَمَاء) ، أو ساكنة وقبلها ضمة، كما في: (مُرْتَاب ، مُرْسَاهَا) ، أو ساكنة وقبلها واو المد، كما في: (غَفُورْ ، كَفُورْ) ، أو ساكنة وقبلها ساكن وقبله مضموم،كما في: (صُفْرْ ، كُفْرْ).
(ب) ترقيق الراء: ولها عدة حالات معينة هي:
(1) أن تكون مكسورة مطلقاً،سواء كان بعدها ياء كما في: (تَجْرِي)،أو ليس بعدها ياء كما في: (الغَرِمِين).
(2) أن تكون ساكنة وقبلها كسر أصلي،وليس بعدها حرف استعلاء، كما في: (فِرْعَوْن).
(3) أن تكون ساكنة وقبلها ياء المد، كما في: (قَدِيرْ ، بَصِيرْ).
(4) أن تكون ساكنة وقبلها ياء اللين، كما في: (خَيْر ، ضَيْر).
(5) أن تكون ساكنة وقبلها ساكن (على ألاَّ يكون حرف استعلاء) وقبله مكسور، كما في: (حِجْرْ، السِّحْرْ).
(6) أن يأتي بعدها ألف مُمَالَة، وهذه لا توجد في القرآن إلا قي كلمة: (مَجْرَاهَا) في قوله تعالى:
(...بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمَرْسَاهَا...) (سورة هود: الآية 41).
(جـ) جواز الترقيق والتفخيم: ويجوز ذلك في ثلاث حالات:
(1) أن تكون ساكنة وقبلها حرف استعلاء ساكن وقبله مكسور، كما في: (مِصْر ، القِطْر).
(2) أن تكون ساكنة وقبلها كسر أصلي وبعدها (في نفس الكلمة) حرف استعلاء مكسور ، كما في: (فِرْقٍ).
(3) أن تكون ساكنة بسبب الوقف،ومكسورة عند الوصل،وبعدها ياء محذوفة،كما في: (يَسْرِ،نُذُرِ).
أحكام اللام :-
لها حالتان:
(أ) ترقيق اللام: تُرَقَّق اللام في جميع كلمات القرآن وعلى أي وضعٍ كانت، فاللام في غير لفظ الجلالة لا تكون إلا مرققة،ويجب المحافظة على ترقيقها،خاصةً إذا جاء بعدها حرف تفخيم،كما في: (وَليَتَلَطَّف ، الضَّالِّين)،ولكن يُرَاعَى عدم المبالغة في ترقيقها حتى لا تصبح مُمَالَة.
-وكذلك ينبغي إظهارها إذا كانت لام جر كما في: (ولله الأسماءُ الحُسْنَى).
-وتُرَقَّق اللام في لفظ الجلالة المسبوق بكسر، سواء كان كسراً أصلياً كما في: ( بالله ، رِضْوَانِ الله) أو كان كسراً عارضاً (للتخلص من التقاء الساكنين)كما في: (قُلِ اْللهم).
(ب) تغليظ اللام: يُطْلِق العلماء على اللام المُفَخَّمَة لفظ: (المُغَلَّظَة).
واللام لا تكون مُغَلَّظَة إلا في لفظ الجلالة المسبوق سواء بفتح كما في: (شَهِدَ الله) أو بضم كما في:
(فَزَادَهُمُ اْلله ، قالوا اللهم).
أحكام الف المد :-
وألف المَدِّ لا تُوصَف بتفخيمٍ ولا بترقيق،ولكنها تتبع حالة الحرف الذي قبلها:
فإن كان هذا الحرف مُرَقَّقَاً،تبعته في الترقيق، كما في: (بَاسِط ، تِجَارَة ، النَّار).
وإن كان الحرف مُفَخَّمَاً،تبعته في التفخيم، كما في: (الضَّالِّين ، الظَّالِمِين ، فَزَادَهُم).
أحكام الحروف المشددة :-
الحرف المُشَدَّد: هو عبارة عن حرفين متماثلين ، أولهما ساكن والآخر مُتَحَرِّك لفظاً لا خطاً، وصلاً لا وقفاً ، فهو يُكْتَبُ حرفاً واحداً. ومثال ذلك: (النَّار ، كلاَّ ، ثَجَّاجَاً).
وفي حالة الوقف يصبح الحرف المُشَدَّد عبارة عن حرفين ساكنين.ومثال ذلك: (الحَجّ ، وَتَبّ).
وتنقسم الحروف المُشَدَّدَة إلى قسمين:حروف مُشَدَّدَة بِغُنَّة و حروف مُشَدَّدَة بِغَيْرِ غُنَّة.
حروف مشددة بغنة :-
وهي حرفان هما: (الميم المُشَدَّدَة والنون المُشَدَّدَة) ،فكُلٌ منهما يُغَنُّ مقدار حركتين في حالة التشديد.ومثال ذلك:
(عَمَّ ، الطَّامَّة ، إِنَّ ، فَسَوَّاهُنَّ ، النَّعِيم).
حروف مشددة بغير غنة :-
وهي باقي الحروف الهجائية (أي: ستة وعشرون حرفاً).ومثال ذلك: (التَّائِبُون ، الرَّحْمَن ، الحَقُّ ، أَضَلُّ).
-ويُلاحَظ أن هناك نوناً مُشَدَّدَة واحدة في القرآن كله يجب فيها مع الغُنَّة إما الإشمام أو الرُّوم،وذلك في كلمة: (تَأْمَنَّا) في قوله تعالى: ( قَالُوا يَا أَبَانَا مَالَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُون.) (سورة يوسف: الآية 11) .والإشمام هنا أولى.
مراتب الغنة :-
للغُنَّة خمسة مراتب حسب قوة وضوحها،وهي:
(1) الغُنَّة الناتجة عن تشديد النون.
(2) الغُنَّة الناتجة عن إدغام النون الساكنة في الواو أو الياء ، وهي أقل وضوحاً من الأولى.
(3) الغُنَّة الناتجة عن إخفاء النون الساكنة عند أحد حروف الإخفاء أو الإقلاب.
(4) الغُنَّة على النون الساكنة والميم الساكنة في حالة إظهارهما.
(5) الغُنَّة على النون المتحركة والميم المتحركة.
-والغُنَّة في الثلاثة مراتب الأولى لها مدة زمنية تقدر بحركتين ، أما في الإثنتين الأخيرتين ففيهما أصل الغُنَّة وهذه لها مدة زمنية لا تزيد عن حركة واحدة.
أحكام الميم الساكنة :-
للغُنَّة خمسة مراتب حسب قوة وضوحها،وهي:
(1) الغُنَّة الناتجة عن تشديد النون.
(2) الغُنَّة الناتجة عن إدغام النون الساكنة في الواو أو الياء ، وهي أقل وضوحاً من الأولى.
(3) الغُنَّة الناتجة عن إخفاء النون الساكنة عند أحد حروف الإخفاء أو الإقلاب.
(4) الغُنَّة على النون الساكنة والميم الساكنة في حالة إظهارهما.
(5) الغُنَّة على النون المتحركة والميم المتحركة.
-والغُنَّة في الثلاثة مراتب الأولى لها مدة زمنية تقدر بحركتين ، أما في الإثنتين الأخيرتين ففيهما أصل الغُنَّة وهذه لها مدة زمنية لا تزيد عن حركة واحدة.
الأخفاء الشفوى :-
هو النُطِقُ بالميم الساكنة على صِفَة بين الإظهار والإدغام ، مع مراعاة الغُنَّة وعدم التشديد.وللإخفاء حرفٌ واحد هوالباء) وسُمِّيَ بالشفوي لأن الميم والباء يخرجان من الشفتين.
-ويُطَبَّق الإخفاء إذا جاء بعد الميم الساكنة باء ،وذلك بإخفاء الميم الساكنة عند الباء ، ونُغِنُّها قدر حركتين من غير إطباق الشفتين (وذلك لكي نتلافى التشديد) .ومثال ذلك قوله تعالى:
(...مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم...) (سورة النساء: الآية 157).
أدغام المتماثلين :-
هو دمج الميم الساكنة بالميم ليصيرا ميماً واحدة مشددةً، تُغَنُّ قدر حركتين.ويُطَبَّق الإدغام إذا جاء بعد الميم الساكنة ميم ، وذلك بدمجهما ليصيرا ميماً مُشَدَّدَة، ونُغِنُّها مقدار حركتين.ومثال ذلك: (الم) تُقْرَأ: (ألف لامِّيم) و (وَلَكُم مَا كَسَبْتُم) تُقْرَأ: (وَلَكُمَّا كَسَبْتُم).
الأظهار الشفوى :-
هو إخراج الميم الساكنة من مَخْرَجِهَا بدون غُنَّة،وذلك إذا جاء بعدها أحد حروف الإظهار (وهي هنا: جميع الحروف الهجائية عدا الباء والميم).
-ويُطَبَّق الإظهار إذا جاء بعد الميم الساكنة أحد حروف الإظهار ، وذلك بإخراج الميم الساكنة من مَخْرَجِهَا بدون غُنَّة.ومثال ذلك: (تَمْتَرُون ، أُمْطِرْنَا ، أَمْ جَعَلُوا).
-ولتحقيق الإظهار الشفوي: نُطْبِقُ الشفتين عند الميم الساكنة ، ثم نُفْرِجُهُما بسرعة حتى لا تتحول إلى غُنَّة.
أحكام اللام الساكنة :-
هي لام ساكنة زائدة عن بُنْيَةِ الكلمة،تتقدَّمُهَا همزة وصل تُفْتَح عند الإبتداء بها ويليها إسم ، وبعضها يمكن حذفها ،كما في: (العَلِيْم ، السَّمِيع) بينما بعضها الآخر لا يمكن حذفها ، كما في: (الله ، الَّذِي ، الَّتِي).وهي لها حُكْمَان:
(1) الإظهار القمري: وذلك إذا جاء بعدها أحد الحروف القمرية ، وعددها أربعة عشر حرفاً هي:
(الألف ، الباء ، الغين ، الحاء ، الجيم ، الكاف ، الواو ، الخاء ، الفاء ، العين ، القاف ، الياء ، الميم، والهاء).ومن أمثلتها: (الأنْهَار ، الغَفُور ، الخَيْرُ ، اليَوْم ، الهُدَى).
(2) الإدغام: وذلك إذا جاء بعدها أحد الحروف الشمسية ، وهي باقي الحروف الأربعة عشر.
ومن أمثلتها: (الصَّلاة ، النَّار ، الظَّن ، الشَّاكِرِين ، اللاَّعِنُون).
أحكام المد :-
المَدُّ: هو إطالة الصوت بحرفٍ من حروف المد واللين زمناً بحيث لا يتعرف على ذات الحرف بدون هذه الإطالة.وحروفه هي: (الألف الساكنة ، الواو الساكنة ، والياء الساكنة).
-وينقسم المَدُّ إلى قسمين: المَدُّ الأصلي والمَدُّ الفرعي.
المد الأصلى :-
وهو المَدُّ الذي لا تقوم ذات الحرف إلا به،ولا يتوقف على سبب بعده كالهمز أو السكون.ويُسَمَّى المَدُّ الأصلي كذلك بالمَدِّ الطبيعي.
-ويُلاحَظ أن هذا المَدَّ يُلْغَى إذا جاء بعده حرف ساكن؛وذلك للتخلص من التقاء الساكنين.ومثال ذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا اْلَّذِيْنَ ءَامَنُوا اْصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا واتَّقُوا الله لَعَلَّكُم تُفْلِحُون.) (سورة آل عمران: الآية 200). حيث تَمَّ إلغاء المَدِّ في: (أيها ، ءامنوا ) نظراً لمجيء همزة الوصل الساكنة بعدهما.
-والمَدُّ الأصلي وجميع ما يلحق به من ممدود يُمَدُّ قدر حركتين وجوباً من غير زيادة ولا نقصان.
ملحقات المد الأصلى : -
ومُلْحَقَاتُ المَدِّ الأصلي خمسةٌ،وهي:
(1) مَدُّ العِوَض: وهو الوقوف على تنوينٍ بالفتح ، وذلك على غير تاء التأنيث، ويُوْقَف عليها بألف مَدِّ عِوَضَاً عن التنوين ، ومثال ذلك:
(مِيْقَاتَاً ، أَلْفَافَاً ، شَرَابَاً) فتقرأ: (مِيْقَاتَا ، أَلْفَافَا ، شَرَابَا).
أما إذا كان الوقوف على تاء التأنيث المُنَوَّنَة بالفتح،فيُوْقَف عليها بالسكون فقط ، كما في:
(رَحْمَةً ، مَحَبَّةً ، حَامِيَةً) فتُقْرَأ: (رَحْمَه ، مَحَبَّه ، حَامِيَه).
(2) مَدُّ البَدَل الصغير: وهو إبدال همزة ثانية ساكنة بحرف مد يتناسب مع حركة الهمزة الأولى:
فإن كانت حركة الهمزة الأولى فتحة ، أُبْدِلَت الهمزة الثانية ألفاً ، كما في: (ءَامَن) حيث إن أصلها: (أَأْمَن). وإن كانت تلك الحركة ضمة ، أُبْدِلَت واواً ، كما في: (أُوْذُوا) حيث إن أصلها: (أُأْذُوا).
وإن كانت تلك الحركة كسرة ، أُبْدِلَت الهمزة الثانية ياءاً، كما في: (إِيمَانَاً) حيث إن أصلها: (إِأْمَانَاً).
(3) مَدُّ الصِّلَة الصُّغْرَى: وهو عبارة عن هاء الضمير المفرد الغائب ،المضمومة أو المكسورة، إذا وقعت بين متحركين ، الثاني منهما ليس همزة قطع ولم يُوْقَف عليها.ومثال ذلك: قوله تعالى:
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةُ الحَطَب). (سورة المسد: الآية 4).
-وهذا المَدُّ له خمسة شروط (كما جاء في التعريف) ولكن هناك إستثناءان هما:
(أ) في قوله تعالى: (...وَيَخْلُدُ فِيْهِ مُهَانَاً.) (سورة الفرقان: الآية 69) فرغم أن هاء (فيه) قد سبقها ساكن (ياء المَدِّ) وليس متحرك ، فقد مُدَّت تلك الهاء.
(ب) في قوله تعالى: (...وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُم...) (سورة الزمر: الآية 7) فرغم أن هاء (يَرْضَهُ) قد توافرت فيها كل الشروط الخمسة ، إلا أنها لم تُمَدّ.
(4) مَدُّ التَّمْكِين: وهو عبارة عن ياءين: الأولى مُشَدَّدَة مكسورة ، والثانية حرف مَدٍّ ، ومثال ذلك: (حُيِّيْتُم ، النَّبِيِّيْن).
(5) مَدُّ ألِفَات (حي طهر): وهي بعض الحروف المُتَقَطِّعَة في أوائل السور ، وقد جُمِعَت تلك الحروف في كلمتي: (حَيُّ طُهْرٍ) حيث تُنْطَقُ: (حا ، يا ، طا ، ها ، را) ،ومثال ذلك:
(حم) حيث تُقْرَأُ: (حا ميم). وهو مَدٌ طبيعي يجب مَدُّه قدر حركتين وَصْلاً وَوَقْفَاً.
المد الفرعى :-
وهو المَدُّ الزائد على مقدار المَدِّ الطبيعي،وهو يتوقف على سببٍ يأتي بعده ، سواء كان همزاً أو سكوناً ، وسُمِّيَ بالفرعي لأنه يتفرع من المَدِّ الطبيعي.
-وينقسم المَدُّ الفرعي إلى قسمين رئيسيين:
(1) المَدُّ الفرعي الذي تَوَقَّفَ على هَمْزٍ يأتي بعده.
(2) المَدُّ الفرعي الذي تَوَقَّفَ على سُكُوْنٍ يأتي بعده.
وكلاهُمَا ينقسم أقسَاماً مُتَعَدِّدَة.
القسم الأول :-
وهو ينقسم إلى قسمين:
(1) المَدُّ الواجِب: وهو إما أن:
يقع الهمز بعد حرف المَدِّ في كلمةٍ واحدة.ومثال ذلك قوله تعالى:
(وَالسَّمَاءُ ذَاتُ البُرُوْجِ.) (سورة البروج: الآية 1) و(...فَكُلُوهُ هَنِيْئَاً مَرِيْئَاً.) (سورة النساء: الآية 4).
أو يكون إبدال همزةٍ ثانية ساكنة حَرْفَ مَدٍّ يتناسب مع حركة الهمزة الأولى ، ومثال ذلك:
(...إِنَّا بُرَءَاؤاْ منكم...) (سورة الممتحنة: الآية 4).
(2) المَدُّ الجائِز: وهو أن يقع سبب المَدِّ في نهاية الكلمة ويليه همزة قطع في الكلمة التي تليه ، ومثال ذلك قوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى.إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى.) (سورة النجم: الآية 3،4).
-ومنه ما يتعلق بهاء الضمير الغائب المفردة ولم يُوْقَفْ عليها ، ومثال ذلك قوله تعالى:
(يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ.) (سورة الهمزة: الآية 3).
-ومنه ما تنتهي الكلمة بمَدِّ بَدَلٍ وجاءت بعده همزة قطع ، ومثال ذلك قوله تعالى:
(فَلَمَّا رَءَاَ أيْدِيَهُم...) (سورة هود: الآية 70).
القسم الثانى :-
: وهو ينقسم إلى قسمين:
(1) ما تَوَقَّفَ على سُكُونٍ عارِض يأتي بعده: وهو نوعان:
(أ) مَدٌ عارِض للسُّكُون: وهذا عندما يجئ السكون العارض بعد حرف مَدٍّ ، ومثال ذلك: (يُنْفِقُونْ ، الغَفَّارْ ، المَصِيْرْ ، عِبَادْ).
(ب) مَدُّ لينٍ: وهذا عندما يجئ السكون العارض بعد حرف لِيْنٍ ، ومثال ذلك:
(قُرَيْشْ ، خَوْفْ ، شْئْ ، السَّيْرْ).
(2) ما تَوَقَّفَ على سُكُونٍ لازِم يأتي بعده: وهو أربعة أقسام:
(أ) المَدُّ اللازِم الكَلِمِي المُثَقَّل: وهو أن يأتي بعدَ حرفِ المَدِّ حرفٌ مُشَدَّدٌ أو سكونٌ أصلي في كلمةٍ واحدة ، ومثال ذلك: (الضَّالِّيْن ، جَانٌ ، تُحَاجُّونِّي ، ءَاَمِّيْنَ ، ءَآلذَّكَرَيْن).
(ب) المَدُّ اللازِم الكَلِمِي المُخَفَّف: وهو أن يأتي بعدَ حرفِ المَدِّ حرفٌ ساكن غير مُشَدَّد في كلمةٍ واحِدَة ، ويُوْجَدُ هذا المَدُّ في كلمةٍ واحدة في القرآن هي:
(ءآلئن) قد ذُكِرَت مرتين في القرآن في: (سورة يونس: الآية: 51 و 91).
(جـ) المَدُّ اللازِم الحَرْفِي المُثَقَّل: وهو أن يأتي بعد حرف المَدِّ سُكُونٌ أصليٌ مُدْغَمٌ (حرفٌ مُشَدَّدٌ) في حرفٍ من حروف أوائل السور التي هجاؤها ثلاثة أحرف ووسطها حرفُ مَدٍّ ، ومثال ذلك: (الم) حيث تُقْرَأُ: (ألف لامِّيم) و (طسم) حيث تُقْرَأُ: (طا سيمِّيم).
(د) المّدُّ اللازِم الحَرْفِي المُخَفَّف: وهو أن يأتي بعد حرف المَدِّ سُكُونٌ أصليٌ غيرُ مُدْغَمٍ في حرفٍ من حروف أوائل السور التي هجاؤها ثلاثة أحرف ووسطها حرفُ مَدٍّ ، ومثال ذلك: (سين ، كاف ، صاد ، نون ، قاف) وقد جُمِعَتْ تلك الحروف في كَلِمَتَي: (نَقُصَ عَسَلُكُم).
ويُلاحَظ أن أنواع المَدِّ اللازم الأربعة لا يُوْقَفُ على أيٍّ منها إلا على اللازم الكَلِمِي المُثَقَّل.
شبهات حول زواج النبي
يوجه أعداء الإسلام سهامهم بين الفينة والأخرى إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم. يحاولون بذلك تشكيك المسلم في دينه، والحيلولة دون دخول غير المسلمين في هذا الدين العظيم.
ومَكَنَةُ الشبهات عندهم لا تكاد تعطل، أو يعتريها العطب، فهم في كل يوم يخترعون شبهة، أو يستدعونها من ماضي أسلافهم، من غير أن يكلوا أو يملوا من تكرار تلك السخافات والتلبيسات.
ومن آخر ما قذفه هؤلاء على مسامعنا ما زعمه بعض قسس النصارى؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شهوانيا محبا للنساء، ساعيا في قضاء شهوته ونيل رغباته منهن. ويزعمون أن شهوانية محمد صلى الله عليه وسلم لا تقتصر على كثرة نسائه فحسب. ولكن تتخطى ذلك في الزواج من الصغيرات، وفي تطليقه من يرغب فيهن من النساء من أزواجهن ليتزوج بهن.
ويستشهدون على كلامهم بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة؛ وهي بنت ست سنين، ودخوله عليها وهي بنت تسع سنين. كما روى ذلك البخاري ومسلم.
وبزواجه من زينب مطلقة زيد بن حارثة رضي الله عنه، والتي فيها نزل قول الحق سبحانه: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً} (الأحزاب: 37).
وقالوا إن محمدا رأى زينب فأعجبته فوقع حبها في قلبه، لكنه خشي كلام الناس فكتم ذلك في نفسه، فنزلت الآية معاتبة له على كتمان مشاعره {وتخفي في نفسك} أي: من حب زينب رضي الله عنها.
انتقائية في الحكم
ونقول في هذه الشبهات: إن الانتقائية التي يمارسها هؤلاء في الحكم على سيد البشر صلى الله عليه وسلم -ولو في قضية الزواج وحدها- تنسف ما يدعونه من مصداقية. فهم لم ينظروا إلى عموم حالات زواجه صلى الله عليه وسلم ليدرسوها. ثم يخرجوا منها بنتيجة علمية نزيهة. تبين فلسفة الزواج عنده صلى الله عليه وسلم وحِكَمَهَ ومقاصده.
ولكنهم وبتعمد صريح نظروا إلى بعض تلك الحالات؛ والتي يشتبه على العامة فهمها، فدلسوا وزيفوا، وأخرجوا حكمهم عليه في قالب من الذم والبهتان! فهلا نظر هؤلاء إلى عموم حياته صلى الله عليه وسلم. وكيف كان عفيفا طاهرا في شبابه وحتى قبل نبوته.
وهلا نظر هؤلاء إلى زواجه الأول من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. وكيف تزوجها وهي بنت أربعين سنة في حين لم يتجاوز عمره الخامسة والعشرين. ثم لمْ يجمع معها في حياتها أخرى؛ وهو في أوج شبابه وقوته؛ حتى إذا توفيت لم يذهب ليتزوج بأجمل النساء، وإنما تزوج بسودة بنت زمعة امرأة كبيرة أرملة.
وأما زواجه صلى الله عليه وسلم من عائشة؛ فقد تزوجها وقد تجاوز الخمسين بأربع سنوات. وهذه سن ينبغي ألا يفسر فيه الزواج على أنه محض شهوة وطلب متعة. وإنما تزوج صلى الله عليه وسلم بعائشة طلبا لتوثيق العلاقة بينه صلى الله عليه وسلم وبين صاحبه أبي بكر رضي الله عنه.
أما قول الطاعنين في سيد البشر صلى الله عليه وسلم: كيف جمع النبي بين الطفولة والكهولة، وكيف يتزوج الشيخ الوقور البنت الصغيرة؟ فالجواب على ذلك أننا لو طبقنا المعايير الغربية على حياتنا نحن المسلمين اليوم؛ لعدَّ الغربُ كثيرا مما نمارسه غريبا ومستشنعا.
فكيف الحال بعادة عند العرب مضى عليها أربعة عشر قرنا من الزمان. فلم يكن الزواج من الصغيرات مستنكرا في أعرافهم. ولو كان كذلك لعاب كفار ذلك الزمان على النبي صلى الله عليه وسلم زواجه من عائشة رضي الله عنها. ولوجهوا إليه سهام النقد والاتهام. ولم ينتظروا حتى يأتي قسس أمريكا ومستشرقو الغرب؛ ليوجهوا إليه تلك المطاعن.
عادات وتقاليد
لقد كانت عادة زواج الصغيرات في العرف العربي عادة معروفة. فقد تزوج عبد المطلب الشيخ الكبير من هالة بنت عم آمنة؛ في اليوم الذي تزوج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي آمنة بنت وهب.
وتزوّج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو في سن جدها. كما أن عمر بن الخطاب عرض بنته الشابة حفصة على أبي بكر الصديق؛ وبينهما من فارق السن مثل الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها.
وينبغي أن يعلم هنا أن بلوغ البنت غير مرتبط بالسن. فقد تبلغ البنت وهي صغيرة. فتظهر عليها علامات البلوغ من الحيض وبروز الثديين وغير ذلك؛ ولم تبلغ التاسعة بعد.
تقول الدكتورة دوشني -وهي طبيبة أمريكية– إن الفتاة البيضاء في أمريكا قد تبدأ في البلوغ عند السابعة أو الثامنة، والفتاة ذات الأصل الأفريقي عند السادسة. ومن الثابت طبيا أيضا أن أول حيضة والمعروفة باسم "المينارك menarche تقع بين سن التاسعة والخامسة عشرة.
ويجب الانتباه أيضا إلى أن نضوج الفتاة في المناطق الحارة مبكر جدا؛ وهو في سن الثامنة عادة. وتتأخر الفتاة في المناطق الباردة إلى سن الواحد والعشرين. كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة.
كل هذه المعطيات تدل على أنه ليس في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها ما يعيب لا من ناحية العرف الاجتماعي. ولا من ناحية الطب والصحة البدنية.
زواجه زينب بنت جحش
لقد شكل زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها؛ أحد أكبر المطاعن التي وجهها المستشرقون لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم. ونحن لا ندري كيف يتحول موطن المدح إلى ذم؟ وكيف تتحول الحسنة في أذهان هؤلاء إلى سيئة؛ يجب الاعتذار منها والاستحياء عند ذكرها!.
نعم لقد كان زواج النبي منها بنت جحش أحد دلائل نبوته، وإحدى فضائله عليه الصلاة والسلام. وذلك لما تضمنته الآيات -محل البحث- من معاتبة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ في إخفائه في نفسه ما الله مبديه. وفي خوفه الناس والله أحق أن يخشاه.
وهي معان لو كان النبي صلى الله عليه وسلم ليس نبيا؛ لأخفاها عن الناس؛ حفظا لسمعته وصونا لهيبته. ولما وفرَّ لأعدائه والمتربصين به مادة للطعن فيه، والحط من قدره. لكنه صلى الله عليه وسلم؛ لم يكتمها بل بلغها غير آبه ولا خائف، وبلاغه لها دليل صريح على أنه رسول الله حقا والمبلغ عن الله سبحانه صدقا.
لقد شنّع هؤلاء على النبي صلى الله عليه وسلم؛ قائلين: كيف يأمر النبي من كان ابنه بالتبني أن يطلق زوجته ليتزوجها هو لنفسه؟!.
وجوابا على ذلك؛ نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر زيدا بطلاق زينب. وإنما أمره بإمساكها. وعوتب في ذلك؛ لأنه كان قد أُعلِمَ من ربه؛ بأنها ستكون زوجته. فأخفى ذلك صلى الله عليه وسلم في نفسه خوفا من كلام الناس ولمزهم.
كما روى ذلك الطبري في تفسيره عن علي بن حسين، قال: "كان الله تبارك وتعالى أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زينب ستكون من أزواجه. فلما أتاه زيد يشكوها، قال: {اتق الله وأمسك عليك زوجك}.
فصريح الآية يوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يأمر زيدا بإمساكها. ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن طلقها زيد. ونزل زواجه منها بالعقد الإلهي: {زوجناكها}.
فأي عيب أن يتزوج الرجل؛ ممن تحل له في شرعه ودينه. وليس هذا فقط؛ بل أن يحصل في زواجه منها مقاصد شرعية عظيمة؛ كتأكيد ما ثبت تحريمه -أي التبني- حتى يكون أرسخ في النفوس قبوله والعمل به.
أما الروايات التي تشير إلى أنه كان قد وقع في قلبه حب زينب رضي الله عنها. فلم تثبت من وجه يصح الاحتجاج بها؛ فكلها روايات ضعيفة. بل إن ظاهر القرآن يردها؛ لأن نص القرآن دل على أن الله سيظهر ما أخفاه النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه}. وما أبداه الله هو زواجه من زينب، لا حبه وتعلقه بها. كما قال سبحانه: {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها}.
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم زير نساء. ولا يعد زواجه من عدة نساء دليلا على شهوانيته عليه الصلاة وأزكى السلام. لم يكن يربط زواجه صلى الله عليه وسلم بعامل الشهوة. بل كان يربطه بمصالح شرعية معتبرة. فقد يتزوج صلى الله عليه وسلم المرأة؛ تأليفا لقلب عدو له.
كما تزوج أم حبيبة تأليفا لقلب والدها أبي سفيان. وقد يتزوج المرأة الأرملة شفقة عليها وحفظا لأولادها، وإكراما لزوجها الذي استشهد في سبيل الله. كما تزوج أم سلمة زوجة الصحابي الشهيد أبي سلمة رضي الله عنه. وقد يتزوج المرأة إكراما لصديق، وتوثيقا لعلاقته به. كما تزوج لهذا السبب السيدتين عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر؛ رضي الله عنهم جميعا.
ونحن هنا لا ننفي الحاجة الإنسانية في زواجه. ولا نستحي من ذكرها. فهي حاجة خَلْقِية تشمل جميع الرجال الأسوياء. ولكننا نحاول أن نضع الأمور في نصابها ومكانها.
كانت تلك ردود مختصرة على ما أثير ويثار عن حالات زواجه صلى الله عليه وسلم. وهي شبهات قديمة تتكرر بين الفينة والأخرى. ولا تقوم على أساس علمي نزيه. وإنما هي شبه وتخيلات تغذيها أحقاد وضغائن. سرعان ما تنقشع عند فحصها واختبارها. فتنكشف حين تنكشف عن جلال وعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.